هل تساءلت يومًا لماذا تصدق أن مشروبًا واحدًا يمكن أن يذيب عنك سنوات من الكسل؟ أو أن كريمًا واحدًا قادر على أن يوقف الزمن ويعيد ملامح الشباب؟
ربما لأننا كبشر نحمل في أعماقنا تعطشًا دائمًا لما هو أسهل، وأسرع، وأبسط.
نحن إذن في عالم يتسابق فيه الجميع مع عقارب الساعة، حيث الأحلام تختصر في حلول سريعة والآمال تُباع في علب براقة، نجد أنفسنا أحيانًا نتعلق بأوهام تسويقية تُغرينا بوعود أكبر من أن تُصدق.
إنها الإعلانات، التي تعرف كل ذلك عنا، تفهم حاجتنا للهروب من الانتظار، تعرف أننا نبحث عن أمل معلب، جاهز للاستخدام، بلا مجهود يُذكر. لهذا، تُغلف رسائلها بوعد ساحر، بسيط في طرحه لكنه عميق في تأثيره.
وربما تكمن خطورة هذه الإعلانات في براعتها في التسلل إلى عواطفنا. فتارة تثير الفضول: "ماذا لو كان هذا المشروب السحري فعلاً هو الحل؟" وتارة تخاطب مخاوفنا: "ماذا لو لم أجربه وفاتني الحل؟"
المسألة ليست مجرد كلمات لامعة على شاشة، إنها حكاية متكاملة تُبنى بعناية. تبدأ بالتكرار؛ فكلما رأيت الإعلان أكثر، شعرت أن هناك شيئًا حقيقيًا فيه.
ثم تأتي الخطوة التالية: إشراك وجوه مألوفة، سواء كانوا مشاهير يروّجون المنتج أو أشخاص عاديين يروون "تجاربهم الناجحة". فجأة، تتحول الوعود إلى حقيقة نكاد نلمسها.
لكن، لنقف للحظة. هل كل ما يُقال حقيقي؟ أليس هناك خط رفيع بين الذكاء التسويقي والخداع؟ الشركات الذكية تُدرك كيف تخاطب أحلامنا، لكنها أحيانًا تتجاوز الحد لتبيع لنا أوهامًا لا تزيدنا إلا خيبة.
وهنا يأتي دورنا نحن. أن نتوقف قليلاً، أن نسأل، أن نُعمل عقولنا قبل أن نُسلم قلوبنا لهذه الوعود. لأن الحقيقة، يا صديقي، ليست كل ما يلمع ذهبًا.
خلف تلك الإعلانات براعة لا شك فيها، لكنها براعة تحتاج إلى وعي منا حتى لا نكون مجرد ضحية أخرى في قوائم أرباحهم.
شارك المقالة على المنصات المختلفة
إشاعات تسويقية كبرنا عليها: ليش صدقناها؟
٢٣ ديسمبر ٢٠٢٤